إليه . ومن المساكنة والملابسة تأتى الرغبة فيتغشى الزوج زوجته وباللذة
والشهوة فيما بينهما يختلط الماءين ماء الرجل وماء المرأة . وإذا ما لقح
المنى البويضة نتج الحمل ومن الحمل يأتى التناسل فتتعاقب الذرية
والسلالة .
يقول سبحانه وتعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً
وَصِهْراً )
............
الكفاءة : معنى الكفاءة فى اللغة هى المماثلة والمساواة . يقول عز وجل :
( وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ) .
فشهد الله لنفسه وكفى به شهيداً بأنه سبحانه وتعالى هو الواحد الأحد لا ند
له ونظير ولا مثيل وأنه الفرد الصمد لا يوجد من يساهمه أو يناويه ولا من
يشاركه أو يساويه .
وأهل الإسلام جميعهم أكفاء تتكافأ دماؤهم فهم متساوين فى الحقوق
والواجبات ومتماثلين فى التكليف والتشريف ولكن : إنِ اتبعوا ما أمرهم الله
به وما نهاهم الله عنه . لأن الله سبحانه وتعالى لم يفضل إنساناً على آخر
إلا بالتقوى . يقول جل شأنه فى كتابه الكريم ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ
أَتْقَاكُمْ ) .
والكفاءة بين الخاطبين تعنى المماثلة والمساواة بين الخاطب ومخطوبته
ومعيارها هو : الدين والخلق .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) رواه الترمذى وابن ماجه
فوجب على الأب أو ولىّ المرأة أن لا ينكح ابنته أو من هنّ فى ولايته إلا
الأتقياء من الناس فالتقىّ إن أحب زوجته أكرمها وإن أبغضها أنصفها .
فتتزوج ذات الخلق والدين من ذى الخلق والدين .
يقول عز وجل : (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ )
فالفاسق العاصى ليس بكفء للطيبات من النساء والفاسقة العاصية ليست
بكفء للطيبين من الرجال .
فإن رضِى الولى أن يزوج ابنته من فاسق عاص أو رضيت به المرأة فهنا
قد اختلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح . وفى هذه الحالة لن يستقيم
الزواج بينهما ولن يدوم لأنه لا يستوى الظل والعود أعوج ولا يستوى
المذهب وصاحب المقالة أهوج .
فالفاسق الذى يقتحم الآثام ويحتقب الأوزار ولايطيع الله فى أوامره
ولاينتهى عن زواجره لا يناسب حاله إلا فاسقة مثله ممن هى من معدنه
وممن هى على شاكلته وديدنه . يقول تبارك وتعالى :
( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ )
فالخبيث لايستطيب إلا بخبيثة مثله . والخبيثة لايطيب لها إلا خبيث مثلها .
فمن عُلِم فسقه وعصيانه بعد أن أنعم الله عليه بنعمة الإسلام فلم يأتمر بما
أمر الله به ولم ينته عما نهى الله عنه فهو يعد من عداد أهل الجاهلية حتى
ولو بدا أمام الناس فطِناً لبيباً أوعالِماً جليلاً .
وإن عدم الكفاءة بين الخاطب ومخطوبته فى أمر من الأمور أو حال من
الأحوال فهو وإن كان ليس مفسداً أو مبطلاً لعقد الزواج إلا أن الإخلال به
غالباً ما يسبب الفُرقة والخلاف ودائماً ما يؤدى إلى سوء العشرة وعدم
الصلاح . يقول الإمام الشافعى فى " الأم " : ( وليس نكاح غير الكفء
محرماً فأرده إنما هو نقص على المزوجة فإذا رضيت المزوجة ومن له
الأمر معها بالنقص لم أرده ) .
فعلى الأب أو الولىّ للمرأة أن يتيقن ممن أتى يطلب يد ابنته عما إذا كان
الخاطب الذى أتاه كفأ لها أو غير كفء . وأن يكون يقينه على سبيل العلم
القاطع أوالظن الراجح . وأن يضع فى اعتباره وقت اختياره ما يجمع بينهما
من صفات كالسن والجمال والحرفة والعفة واليسار والبكارة وما إلى ذلك
من أمور وتلك أمور نسبية تختلف من شخص إلى شخص أو من بلد إلى
بلد أو ما بين دولة وأخرى .
...
فالكفاءة يجب الإعتداد بها قبل الإقدام على الزواج لأنها هى التى تؤدى إلى
التوافق بين الرجل والمرأة
وبها تتحقق المساواة بين الخاطبين وتستقر الحياة بين الزوجين . يقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ثَلاثٌ لا تُؤَخِّرْهَا الصَّلاةُ إِذَا آنَتْ وَالْجَنَازَةُ إِذَا حَضَرَتْ وَالأيِّمُ إِذَا وَجَدْتَ لَهَا كُفْئًا ) رواه الترمذى
والمرأة هى الأقدر والأجدر على أن تزن أمور مخطوبها ومن سيكون
زوجها . وعلامة رضا البكر صمتها
وغير البكر قولها . لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأنس وإذنها صماتها " سكوتها
" ) صحيح مسلم
فلا يجوز للأب أو الولى أن يجبر أو يكره ابنته أو من هن فى ولايته على
الزواج بمن هو غير كفء لها أو أن يعقد عليها بغير أمرها أو دون رضاً
منها .
وما ورد فى الحديث النبوى الشريف من أن الثيب أحق بنفسها من وليها لا
يعنى أن تزوج نفسها بنفسها دون إذن من وليها فأيما امرأة نكحت بغير
إذن وليها فنكاحها باطل . إنما المقصود أحقيتها فى الإفصاح بقولها
الصريح فى الإختيار برضاها أو عدم رضاها .
كما أنه ليس معنى سكوت البنت البكر حال الإستئناس برأيها أو صمتها بأنه
إقرار منها بالرضا والقبول لأن ما قُبل فيه الإقرار يجوز أن يُقبل فيه
الإنكار .
............
العدول عن الخطبة : وهو عدول أحد الخاطبين عن خطبته ونكوثه عن
الوعد الذى تم الإتفاق عليه بين كلا الطرفين . هذا العدول وإن كان حقاً
مقرراً لأى منهما إلا أن العادل يلتزم بالتعويض عما يسببه من ضرر ينشأ
أو يلحق بالطرف الآخر نتيجة عدوله وجراء إخلاله بالتزامه وبالوعد الذى
وعد به .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) رواه أبى
سعيد الخدرى .
فلو تم العدول بعد إعلان الخطبة وإشهارها أو بعد قراءة الفاتحة أو عقبها
فسبّب ضرراً وكان للعادل
دخلٌ فيه يكون ملزماً بالضمان . وهذا الأمر يرجع إلى العرف الجارى
والسائد بين الأفراد بعضهم البعض أو حسب اختلاف البلدان والأقطار .
وذهب بعض الفقه الإسلامى إلى أنه فى حالة العدول عن الخطبة فإنه يسترد
كل من الطرفين هداياه
التى قدمها للآخر فإن استهلكت أو استهلك شىء منها فهو يعد فى حكم
الهبة لا يجوز المطالبة به .
ولقد فرّقت المالكية هنا بين ما إذا كان العدول من جهة الخاطب فقالوا :
ليس له أن يسترد شيئاً منها وإن كان من جهة المخطوبة
فللخاطب استرداد ما قدمه من هدايا سواء كانت عينية أو نقدية إلا أنهم
قالوا : مالم يكن العرف السائد خلاف ذلك
************************************************** ************