السؤال: هل تصح توبة مرتكب كبيرةٍ لها حد في الإسلام كالسرقة والزنا
دون إقامة الحد عليه، نرجوا الإفادة مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة؟
الجواب:
نعم من تاب تاب الله عليه، إذا زنا أو سرق أو فعل أشياء من المعاصي
فالتوبة بابها مفتوح والحمد لله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(التائب من
الذنب كمن لا ذنب له)، والله - سبحانه وتعالى- يقول:
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ (31) سورة النــور، ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا
تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا (
سورة التحريم، ولما جاء
ماعز إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تائباً نادماً أعرض عنه، ولم يقم
عليه الحد إلا بعدما
أصر على طلب الحد وكرر ذلك مراراً، فلهذا أمر
بإقامة الحد عليه لما كرر ذلك، فلو أنه تاب فيما بينه وبين الله ولم يأت
فلا شيء عليه، كل من تاب فيما بينه وبين الله
توبةً صادقة فلا شيء
عليه،ولا حد عليه، وتوبته كافية، ولا ينبغي له أن يبرز نفسه للناس ولا يبين
معصيته، بل ما دام ستره الله فالسنة له أن يستر نفسه، وأن لا
يتقدم
بطلب إقامة الحد، بل يسأل ربه العفو ويندم على ما مضى ويعزم على أن لا يعود
والله يتوب عليه - سبحانه وتعالى - ، ولا حاجة إلى أن يبين ذنبه للناس أو
يذهب
إلى المحاكم ليقيموا عليه الحد، بل ما دام ندم على ما مضى و حزن على ذلك
وتاب إلى ربه من ذلك فالله يتوب عليه - سبحانه وتعالى - ، لكن إذا كان
المعصية
في حقٌ للمخلوق فإنه يعطيه حقه في السرقة، يعطي المال لصاحبه
التوبة لا تكفي في هذا، بل لا بد من رد المال إلى صاحبه على الطريقة التي
لا يلزم منها أن يبين
أنه سارق يرسل المال إليه مع بعض الأصحاب ويقول
هذا أرسله إليك بعض إخوانك يقول إنه عنده، هذا مالٌ أخذه منك بعض الناس وهو
طلب مني إيصاله إليك
ولا يبين حاله، المقصود إيصاله إلى صاحبه ويكفي.
موقع الشيخ بن باز رحمه الله
,,
السؤال:
أكثر من مرة أن كثيراً من المسلمين يقع في المعاصي، ومنها ترك الصلاة
مثلاً، كهذا السؤال الذي عرض آنفاً، وكثيرٌ من المسلمين ينشد التوبة،
ويتلمس طريقها،
لكنه لا يدري من أين يبدأ؟ حبذا لو تفضلتم في هذا المقام سماحة الشيخ برسم طريق صحيح لأولئك الذين يتوقون إلى التوبة ويتمنونها
ولكن لا زالت أقدامهم تتعثر بعض الشيء. جزاكم الله خيراً !
الجواب:
التوبة من أهم المهمات ومن أعظم الفروض على كل مسلم, يجب على كل مؤمن وعلى
كل مؤمنة التوبة إلى الله سبحانه من جميع الذنوب وأن يحاسب المؤمن
والمؤمنة
نفسه في جميع الأوقات حتى يبادر بالتوبة من جميع الذنوب وحتى
يحذر قربانها والإصرار عليها, ومن رحمة الله سبحانه ومن إحسانه إلى عباده
أن شرع لهم التوبة وفتح لهم بابها
حتى لا يضرهم الذنب فإن من تاب تاب
الله عليه, ومن تاب من الذنب فكمن لا ذنب له كما قاله النبي -عليه الصلاة
والسلام-. ولو أن العبد لا توبة له لكانت المصيبة عظيمة فمن ذا
الذي
يسلم من الذنوب ولكن من رحمة الله أن من تاب صادقاً مخلصاً لله تاب الله
عليه كما قال الله سبحانه في كتابه العظيم: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ
جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
(31) سورة
النــور. هذه الآية في سورة النور وقال -عز وجل- في سورة التحريم: يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا
عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ
جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ (
سورة التحريم. الآية.
و"عسى" من الله واجبة، والمعنى أن من تاب كفر الله سيئاته وأدخله الجنة,
وأفلح كما في الآية السابقة, فالتائب مفلح وله الجنة والكرامة إذا تاب توبة
صادقة. والواجب على كل مسلم ومسلمة أن يصدق في التوبة وأن يحرص عليها,
وشروطها ثلاثة: الندم على الماضي أن يندم على معصيته التي سلفت منه يحزن
عليها، الثاني الإقلاع منها تركها والحذر منها، الثالث العزم الصادق أن لا
يعود فيها خوفاً من الله وتعظيماً له وإخلاصاً له -سبحانه وتعالى- هكذا
التوبة بهذه الشروط الثلاثة يقال لها شروط ويقال لها أركان
للتوبة............... الثلاث ولا تحصل له إلا بهذه الأمور الثلاثة الندم
على الماضي من السيئات من زنا ومن سرقة أو عقوق أو ترك صلاة أو ترك زكاة أو
غير ذلك. الثاني: الإقلاع من المعصية وتركها والحذر منها بأن يؤدي الزكاة
التي ترك يحاسب نفسه ويؤدي الزكاة التي تركها عن جميع السنوات الماضية,
ويؤدي الحقوق إلى أهلها إن كان........ حقوق للناس ومظالم ردها إلى أهلها
وهذا شرط رابع إذا كان عنده مظالم لا بد من ردها إلى أهلها أو تحلله منها,
ومعنى الإقلاع منها تركها بحيث لا يفعلها, والأمر الثالث أنه يعزم عزماً
صادقاً أن لا يعود إليها، فلو عاد بعد ذلك أخذ بالذنب الأخير, والذنب الأول
راح بالتوبة سقط بالتوبة, لكن إذا عاد بعد التوبة الصادقة للذنب أخذ
بالأخير ثم إذا تاب من الأخير غفره الله له فإن عاد مرة ثالثة أخذ بالذنب
الأخير وهكذا إذا كان ذلك بعد توبة صادقة، أما إذا كان لا، ما عزم على
الترك ندم وترك لكن ما عزم على الترك؛ لأن في نيته متى وجدها فعلها متى قدر
عليها فعلها, هذا ما تاب ما يسمى تائب ما يكون تائب حتى يعزم عزماً صادقاً
أن لا يعود إليها. ومن أسباب التوبة كون المؤمن يكثر من القرآن يتدبر
القرآن ويعرف ما وعد الله به العصاة من العقاب الأليم وما وعد به الأتقياء
من الخير العظيم ودار الكرامة والنعيم المقيم, يقرأ السنة يسمع الأحاديث
يحضر حلقات العلم يحضر مجالس العلم يصحب العلماء والأخيار كل هذه من أسباب
التوبة، ومن أسباب التوبة أن يسأل الله ويضرع إليه دائماً يقول: يا رب
ارزقني التوبة النصوح, يا رب مُنَّ علي بالتوبة, يا رب اهدنا صراطك
المستقيم, يسأل ربه في سجوده, في آخر التحيات قبل السلام, في آخر الليل, في
نصف الليل, بين الأذان والإقامة هذه أوقات عظيمة ترجى فيها الإجابة يسأل
ربه يضرع إليه يقول اللهم ارزقني التوبة النصوح, اللهم اهدني صراطك
المستقيم, اللهم أعذني من الشيطان الرجيم, اللهم أ....... من جلساء السوء
واكفني شرهم, ويعمل يسأل ويعمل, يسأل ربه ويجتهد في التوبة والعمل الصالح
ويبتعد عن قرناء السوء ومجالستهم حتى لا يجروه إلى أعمالهم الرديئة حتى لا
يدعوه إلى ذلك حتى لا يتأسى بهم فإن المرء على دين خليله كما قال النبي
-صلى الله عليه وسلم-: (المرء على دين خليله -يعني حبيبه وصديقه- فلينظر
أحدكم من يخالل) ويقول الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
يعني
هذا هو الأغلب وأصدق من هذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مثل الجليس
الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير, فالجليس الصالح مثل حامل
المسك إما أن يحذيك -يعني يعطيك- وإما أن تبتاع منه -يعني تشتري منه- وإما
أن تجد منه ريحاً طيبة، وأما نافخ الكير فهو إما أن يحرق ثيابك, وإما أن
تجد منه ريحاً خبيثة) هذا المثل العظيم الذي مثل به النبي -صلى الله عليه
وسلم - للجليس الصالح والجليس السوء, فما أولى المؤمن والمؤمنة بالأخذ
بتوجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والعمل بنصيحته وإرشاده -عليه الصلاة
والسلام- وذلك باتخاذ الجليس الصالح والصديق الصالح والحذر من جلساء السوء
وهكذا المرأة تحرص على الجليسات الطيبات والقرينات الطيبات مع الحذر عن
القرينات الخبيثات والصديقات اللاتي يدعينها إلى الباطل، وهكذا الطالبات في
المدارس وغير المدارس تحرص الطالبة على صحبة الزميلة الطيبة والتأسي بها
والتشاور معها وتبتعد عن الزميلة الرديئة، وهكذا الطلبة في المدارس, وهكذا
المدرسون وهكذا جميع الناس, الواجب على كل واحد أن يحرص على الصاحب الصالح
والجليس الصالح وأن يحذر جليس السوء وقرين السوء أينما كان، فهذا من أسباب
السعادة ومن أسباب التوفيق. جزاكم الله خيراً.
- إذاً بداية الطريق ما هي في نقاط لو سمحتم على طريقة أولاً ثانياً؟
ج/ بداية الطريق أن يضرع إلى الله -جل وعلا- وأن يسأله أن يمن عليه بالتوبة.
ثانياً:
يحرص على تدبر القرآن الكريم والإكثار من تلاوته أو سماعه إذا كان لا يقرأ
سماعه من إذاعة القرآن أو من أولاده إذا كان عنده من يقرأ أو بنات حتى
يستفيد
ويخشع لكلام الله ويعرف ما في الطاعة من الخير وما في المعصية من الشر وما وعد الله به أهل التقوى وما وعد به أهل المعاصي والشرور.
ثالثاً:
جهاد النفس جاهدها حتى يستقيم على الحق وحتى يدع المعصية لا بد من جهاد
الله يقول -جل وعلا-: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا (69) سورة العنكبوت.
والمجاهدة كونه يلزمها بالحق، ويجتهد في
الضغط عليها حتى تلتزم بالحق وحتى تدع الباطل ويقول سبحانه: وَمَن جَاهَدَ
فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ (6) سورة العنكبوت.
ويقول سبحانه: إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ (7) سورة الإسراء.
رابعاً: الحرص على الجليس الصالح والجليسة الصالحة والزميل الصالح والزميلة الصالحة هكذا المؤمن يحرص على الجلساء الصالحين
والرفقاء الطيبين والمؤمنة كذلك. جزاكم الله خيراً وتقبل الله منكم.
موقع الشيخ بن باز رحمه الله
الموضوع منقول