أعمال الخبيئة
علينا أن نحيا حياتنا في مرضاة الله عز وجل , وطاعة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .
ونجاة العبد في حسن الاتباع والإخلاص في القول والفعل والعمل والقلب ,
والعمل كي يكون متقبلا لابد أن يتوفر فيه شرطان :
شهادة أن لا إله إلاَّ الله.
واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى :
{ ومَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبدُوا اللهَ مُخلِصينَ له الدِّينَ حُنَفاءَ ويُقيموا الصَّلاةَ ويُؤتوا الزكاةَ وذلك دينُ القيِّمَةِ } البينة : 5 .
ولذلك يجب أن نربي أنفسنا على الإخلاص ونعودها على العمل لله وحده , وذلك يتأتى عندما نعود النفس على عبادة الخفاء وطاعة الله حيث لا يرانا أحد ولا يسمعنا بشر
وعمل الخفاء لا يستطيعه المنافقون ولا المراؤون , فلا ينالها إلا الذين أخلصوا أعمالهم لله عز وجل .
ليكن لنا إذن خبء من عمل صالح فأعمال الخبيئة أقرب للقبول عند الله -إن لم يصاحبها عُجب بالنفس-
لأنها أقرب للإخلاص وأبعد عن الرياء , وتسلسل الشيطان إلينا
.
قال تعالى :
{ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} النمل الآية : 25
خبء السماء قطرها ، وخبء الأرض كنوزها ونباتها .
وقال قتادة : الخبء السر .
عن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله:
(من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل } صححه الالباني
وعمل السر له أشكال كثيرة ومجالات واسعة منها :
** صدقة الخفاء
لها فوائد عظيمة وثمار نجنيها في الدنيا قبل الآخرة , ولا يخفى علينا أجر الصدقات وأثرها على نفس المعطي والآخذ .
قال تعالى :
{إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} البقرة 271
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
«صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، وصدقة السر ، تطفئ غضب الرب ،
وصلة الرحم تزيد في العمر ». قال الألباني "حسن" ، صحيح الجامع
ومن السبعة الذين يشملهم الله بظله يوم القيامة رجل أخفى عمله ليس عن الناس , بل عن يساره حتى لا تعلم يمينه , فيدخل الرياء في قلبه والعجب بعمله إلى نفسه .
عن أبو هريرة قال قال رسول الله:
(سبعة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظلهورجل تصدق بصدقة وأخفاها حتى لم تعلم شماله ما أنفقت يمينه ). حديث صحيح
** الصيام
كل مسلم يعلم فوائد الصيام بدنيا ,وروحيا , وتربية للنفوس ,وقوة صلة بالله ,وقرب وخضوع لخالقنا ومنعمنا ,وتكفيرا للسيئات , ورفعا للدرجات , ومباعدة عن النيران ,ونيل أعلى المكانات في الآخرة
حيث للصائم بابا يدخل منه خصصيا وهو باب الريان .
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{ في الجنّة ثمانية أبواب ، فيها باب يُسمى الريّان ، لا يدخله إلا الصائمون } رواه البخاري
** صلاة في جوف الليل
نقف بين يدي الله خاضعين خاشعين متذللين له أن يغفر لنا ذنوبنا وأن يرحمنا وينعم علينا برضاه فلا يسخط علينا ابدا
قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً، نِصْفَه أَو انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَو زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ،الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} سورة المزمل 1-4
قال صلى الله عليه وسلم:
{ عليكم بقيام الليل، فإنَّه تكفير للخطايا والذنوب، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة للداء عن الجسد }.
رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني
** البكاء بين يدي الله
ما أحوجنا إلى اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى , وإعلان إنكسارنا واحتياجنا الدائم إليه عز وجل
من منا لم تدمع عيناه وهو في جنح الظلام لا يراه بشر ولا يسمعه مخلوق إلا الله .
ما أروعها من لحظات يصفي فيها الإنسان قلبه وعقله , ليتوجه إلى خالقه وحده .
** كفالة الأيتام :
فكم من أشخاص لم يعرف الناس عن كفالتهم للأيتام إلا بعد مماتهم
لانقطاع موردهم المادي والعاطفي .
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما } رواه البخاري
** السعي على الأرملة والمسكين وذي الحاجة
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر}
رواه البخاري ومسلم .
والأمثلة للأعمال الصالحة الخفية كثيرة ومتنوعة لا يمكن حصرها وبابها مفتوح لا يغلق , ولا تقتصر على عمل الأبدان فقط ,
بل عمل القلوب أيضا ,ومنها كتم السر حتى عن أقرب الناس إلينا ,
ستر العيوب , كف الأذى عن الآخرين ,
كلمة طيبة , تبسم في وجوه الآخرين . وغيرها من أوجه الخير
اقوال الصالحين في عمل الخبيئة
قال بشر:
لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس.
وقال أيضًا:
لا تعمل لتذكر، اكتم الحسنة كما تكتم السيئة.
وعنه:
ما اتقى الله من أحب الشهرة.
فعلينا التمسك
بأعمال الخفاء
فهي طوق النجاة وسبيلنا إلى رضى الرحمن .
ولنعلم أن الشيطان يحاول باستمرار أن يمنعنا عن عمل الخبء لأنه أبعد عن العجب والرياء , فالنجاهده ونمنعه من الوصول بنا إلى الرياء
منقول